.
قطَعَت بحضورها سلسلة أفكاره فتبعثرت ..
وسطا الوجد على قلبه من جديد فالتقط كفها برفق بين كفيه مُرَحِّباً .
جلست وجلس ..
طلبت قهوةً على غير عادتها، وطلب عصيراً كعادته.
بدت صامتةً تُطيل التأمل في وجهه، كأنها تحفظ كل تفاصيله في ذاكرتها لأيام الغياب..
وبدا متعطشاً لفرحٍ تمطره به، ومشتاقاً للحظة تتحقق فيها الأحلام.
قال لها بعد برهةِ صمتٍ طالت:
_ "عيناكِ تلمعان اليوم بروعةٍ لم أشهدها من قبل، فأيُّ خيرٍ تحمل سنبلتي وأي زهرٍ
يحمل ربيع العمر ؟ ".
صمَتت .. ولم يدرك أن عيناها إنما تبرُقان إيذاناً بالمطر، وتلمعان إذ تحبسان فيض الدموع !
ثم قالت بصوتٍ لا يريد أن يخرج:
_ " إنما وجدتُ أننا نحتاج الكثير من الشجاعة لتحضير أكفان حبنا وتطييبها، وحفر قبره
وقبورنا ..
وأردتُ أن أختصر عليك مسافات الألم باغتياله فجأة، بعد أنا حالت بيننا الحوائل وفرقتنا
الأبواب الموصدة التي عيينا بفتحها واستنفدنا كل حيلةٍ فما نجحنا.
جئتُ أخبرك أنك لن تراني ثانيةً، لن تسمع صوتي ولن تصلك مراسيلي.
جئتُ أقتُلُني فيك، وأشهدك على موتي.
جئتُ أستسمحك على أمور لم تكن بيدي.
جئتُ أُوَدِّعُ عينيك وأُودِعُكَ قلبي وروحي قبل أن أرحل عنك.
لا تخشَ شيئاً .. سأموت قبلَ أن أكون لسواك..."
وانهمر المطرُ من عينيها فنهضت مغادرةً وبقيَ عطرُها
.
ان شالله تنال اعجابكم حبايبي